مقالات

التشظي والمعابأة والدكاكين السياسية : أحزابٌ قابضة ومغاضبون وذاتية تتسيد المشهد

المسار نيوز التشظي والمعابأة والدكاكين السياسية : أحزابٌ قابضة ومغاضبون وذاتية تتسيد المشهد

سيف الدين البشير

الإنشطارية والعدوانية والاستعداء آفتان تقاسمتا الفتك بالتطور السياسي في البلاد . أما التشظي فهو العلة التي لم ينجو منها أي تكوين سياسي منذ الاستقلال ، بحيث تتناسل الأحزاب ليتفكك أي منها لأسماء لا تكاد تتحايل على المسمى الرسمي سوى بأحرفٍ قليلة مبلغ أن يحار الإعلاميون ويختلط عليهم الأمر لدى تناول أخبارها .. وعادة ما نضطر للسؤال ؛ ياتو فيهم ! .
وبرد الأمر لأصوله يتضح أن الآفة تكمن في غياب الديمقراطية .. الجميع يلهج بها كلما أتيحت أمامه مكبرات الصوت ، لكنهم سرعان ما ينقلبون عليها غداة كل مجمع حزبي ، ولا يملك المراقب السياسي الا أن يتوقع خروج مغاضبين عند كل اختلاف وتسمية فصيل جديد ولا عزاء لإدعاء الديمقراطية .
وتتجذر المعابأة والعدوانية في جينة احزابنا ٠وتنزع تلك التكوينات لتعبئة بعضها البعض مداً بأضعافه ، وهي تنطلق في ممارساتها من مبدأ من ليس معي فهو ضدي ، وعندئذٍ يحل استخدام كل الأسلحة لهزيمة الضد والنقيض ، ويظل كل ما يأتي من الحزب الآخر مرفوض على إطلاق ، بحيث تغيب تماماً حكمة “البناء على المشترك” .
أما الضحية فهو وطن يفتقد التعاضد حول مصطلح “المصالح القومية العليا” و”الأمن القومي” .
ولقد كان من الطبيعي أن تنحو إحزابنا نحو التكتل عقب الاستقلال حتى نتأسى بعوالم التعددية بحيث لا يتجاوز عدد الأحزاب اثنين أو ثلاثة ، بيد أنها وعوضاً عن المضي في هذا الطريق افترعت مسلك التشظي مبكراً ، واستمرت الفتوق تنتج يومياً المزيد من مجزوءات تلك الكيانات .
الغريب أن مفردة “الديمقراطية” ما تكاد تغادر أي تصريحٍ لكل القيادات الحزبية بلا استثناء ، يصادقونها عند انتصاب شعارات الوسائل الإعلامية نهاراً ، حتى إذا شجر بينهم أمر تنكروا لها ثم يمضي المغاضبون لصياغة كيان جديد .

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى