مقالات

رمضان يولد هلال ثم قمرا وبدرا ويعود كالعرجون القديم

المسار نيوز رمضان يولد هلال ثم قمرا وبدرا ويعود كالعرجون القديم

ظِلَال القمــــــر
عبدالرحمن محمـــد فضــل
amff95@yahoo.com


يبدأ ترغب وصول الضيف العزيز الكريم برؤية الهلال الذي يكون ادق من الشعرة ثم يكبر حتي يصبح بدرا ثم يسيخ حتي يعود كالعرجون القديم، يظل الجميع في شوق وترغب واشتياق الي لحظات حضور سيد الشهور رمضان المبارك الذي لياليه عامرة بالقران والقيام وذكر الرحمن وتعظيمه ونهاره ممتشق بالصيام وذكر الله وقراءة القران وفي طيات هذا الشهر العظيم نجد خير الليالي ليلة خيرها عظيم وقد وصف الله هذه الليلة بانها افضل واعظم واخير من الف شهر اذا كانت الف شهر تعادل اكثر من ثمانون سنة من عمر الانسان وقال الله ان هذه الليلة الواحدة خيرا من عمر الانسان كله بكل عباداته وصدقاته وصلواته انه لفضل عظيم وخيرا يفوق تصور الانسان المحدود، فلنعيد الترحاب بضيفنا الكبير سيد الشهور وكل شي له جانب مضى وجانب مظلم الا شهر رمضان كله ضياءا ونورا واشراقا وعمل وعبادة
واني لاظن ان غياب بعض ملهيات الحياة ماهي إلا بمثابة الجانب الاكثر اشراقا حيث يزداد قمر رمضان جمالا كلما تلاشى الضياء الاصطناعي او الانقطاع عن الحياة المدنية بانوارها الصاخبة الساطعة التي تحجب ضياء القمر ونوره خصوصا في منتصف لياليه عندما يكتمل بدرا منيرا، وها نحن نستعد لإستقبال شهر “رمضان” بكل معانيه الايمانيه والحسية والمعنوية والتعبدية وكذلك نستقبل هلاله مولودا صغيرا حتي يتحول بدرا، وربما تمنحنا ظلمة الحياة فرصة عظيمة في التفكر والتدبر لرؤية هلال رمضان ذلك القمر المنير في حياتنا، وكل ما اظلم محيطنا من ضياء وضوضاء ازددنا ايمانا ويقينا وإستمتاعا برمضان وبرؤية القمر بدراً حيث ينداح نور القمر فيملأ حياتنا وينير قلوبنا ويضيء متربعا في كبد السماء وأرجاءها حتي تتواري النجوم متضاءلة حياءا وخجلا من القمر وحتي يحسب الناظر للسماء ان النجوم لم تعد مكتظة كما تكون في الليالي المظلمة وازعم بان تلك النجوم الكثيرة المتلألئة ماهي الا شوغلنا وملهياتنا عن القرب من الله
واليالي المظلمات ماهي الا نفوسنا الغارقة في ظلمتها وحلكتها وكلما ظهرت في ليالينا المعتمة بعض الانجم القليلة المتناثرة المتفرقة، تجعلنا اكثر تفكرا وتدبرا منصرفين عن سطوع تلك النجوم المتلألئة حيث نري الجهد الكبير لتلك النجيمات وهن يقاومن سطوع نور القمر المضى بينما الأرض و بعض أهلها يستمتعون به هادئاً جاذبا جميلا وقورا رصينا مهيبا، وهنا يدور السؤال المحوري في النفوس المتفكرة المتأملة كيف لجسم يتكون اصله من صخور ورمال وأودية وجبال وشعاب ووهاد أن يكون بهذه الجمال الطاغي وهذه الروعة وهذا السحر وهذا التفرد وهذا التميز، لقد قهر كل النجوم حتي كادت ان تتلاشي ولم يبقي منها الا القليل في السماء تحت رؤية الناظرين ؟ من أين لهذا القمر كل هذا الضوء والشعاع الفضي المبهج المريح للنفس ومن اين له هذه الاستدارة الجميلة المذهلة؟ لا تخبرني بعلوم الفيزياء ولا باقوال وابحاث “وكالة ناسا لعلوم الفضاء” ولا تحدثني عن انعكاس ضوء الشمس، بل حدثني عن قدرة الخالق حدثني عن مدبر الكون الذي رفع السماء بلا عمد حدثني عن مالك الملك الذي يكور الليل علي النهار ويكور النهار علي الليل حدثني عن عظمة الصانع الذي قسم الدهور والايام وجعل لنا ساعات وايام واسابيع وشهور واعوام وجعل لهذه الشهور سيدا وهو شهر رمضان وجعل فيه خير الليالي وهي ليلة القدر، سبحان الله الخالق المصور الذي جعل الأفلاك تدور وفق قوانين وانظمة في غاية الدقة، اخبرني ايها الناظر للسماء عن روعة وجمال القمر الذي يبقي مضيئ وسراجا منيرا لساعات كل ليلة ليبدد ظلام الارض وظلام النفوس ثم يتقلص حتي يعود كالعرجون القديم ثم يعاود الإكتمال بحساب دقيق، ليعطينا درسا متكررا منذ سنين طويلة انه بعد الاكتمال حتما سوف يعقبه النقص والانتهاء والفناء والتلاشي والعدم، ولا يبقي الا وجه ربك ذو الجلال والاكرام، مرحبا بسيد الشهور شهر رمضان هلال مولودا صغيرا لا تكاد تراه العين ومرحبا به بدرا ومرحبا به قمرا منيرا مستديرا ثم ينقص بعد الاكتمال يعود كالعرجون القديم ومرحبا بلياليه ليالي القيام والصلاة والدعاء والقرآن والذكر والتفكر والالهام، شكرا لهلال رمضان الذي يعطينا درسا ان بعد الكمال الانتهاء والفناء والجميع سوف يعود كالعرجون القديم بعد كان في طور الكمال الوهمي وبعد ان كان مزدهرا يانعا كالبدر وهو في فتوة الشباب ويلبس تاج الصحة ويجلس علي كرسي الوظيفة، النهاية هي العودة كالعرجون القديم الملقى علي الارض الذي يأبه به العابرون ولا يكاد يراه الناس شكرا لله الواحد الاحد ثم شكرا رمضان شهر الصوم والصيام شكرا هلال رمضان شكرا لهلال وبدر وقمر رمضان المنير الذي ينير النفوس قبل ان ينير فضاء الارض الفسيح ويعلمنا الدرس البليغ من خلال حركة المد والجزر في شواطئ البحار وشواطئ انفسنا ويعلمنا هو وبقية الشهور درسا مكررا في دورة كل شهر انه بعد الكمال الانتهاء والفناء.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى