راي المسار

صراع الماء والغطاس ؛قصور النصوص أم آفة مجانبة القول للفعل ! ..

المسار نيوز صراع الماء والغطاس ؛قصور النصوص أم آفة مجانبة القول للفعل ! ..

كلمة المسار

الاطلاع على مسودةٍ رائجة على أنها الصيغة النهائية للعملية السياسية ، يغري بمراجعة تأريخ ومردود أطنان الانشاء من الوثائق التي صيغت بغرض تماسك الدولة السودانية منذ الاستقلال ، وكيف أن حساب البيدر ظل قاصراً عن إدراك بشارات حساب الحقل ، وكيف طمر فرح احتفاليات التوقيع تحت الأضواء الكاشفة وتناساه الناس منذ اليوم الذي تلا .
شهد أهل البلاد عشرات المواثيق تمهر منذ اجتماعات السيدين مرورا بالمائدة المستديرة ، ثم اتفاقية أديس أبابا ، واتفاقية الخرطوم للسلام عندما عاد مشار ثم خرج ، واتفاقية ابوجا عندما عاد مناوي ثم خرج ، واتفاقيات الدوحة .
ربما يقول قائل أن بعض ذلك كان مع حركاتٍ مسلحة بيد أن العبرة في أن الاختلاف بينها وبين الوفاقيات السياسية – شاملةً ما يجري حاليا -هو اختلاف مقدار وليس اختلاف نوع .
واذا كانت العسكرية تجبل منسوبيها على الكلمه الواحدة، فقد عودنا السياسيون السودانيون على أن قلوبهم شتى .اذن فقد صدق العسكريون بكل مكونهم الوعد ، ورغم ما ظل السياسيون يسوقونه على أنه خلاف عميق بين الجيش والدعم السريع، فقد أثبتت التطورات اللاحقة أن الصف العسكري أكثر تماسكاً من نظيره السياسي بسنوات ضوئية ، وأثبت الكاكي أن اختلاف التقديرات ، والفرق بين المتعجل والأعجل، هي محض ظاهرة طبيعية صنف ما يحدث داخل العائلة .. ولم يمض الوقت قبل أن تتسق “الحذية” كأنها في طابور الجيش المعهود .
وما بين الفضفاضية النسبية للنصوص ، ما يجعلها نهباً لممنعرجات التأويل والتفسير ، وبين ما يقره السياسيون أنفسهم من حقٍ للشيطان أن يتخلل التفاصيل ، وحتى أطنان الوثائق التي وقعوها ثم اختلفوا عليها ، تظل الأوراق في أيدي هؤلاء ، والكرة في ملعبهم ، وبين أقدام اتهاماتهم المتبادلة بأن الآخر هو من خرق الاتفاق الصلة التي لازمتهم منذ استقلال البلاد ، بل أن حاضر من احتكروا البلاد لسنواتٍ ثلاث ، ونصبوا أنفسهم أوصياء على الثورة والبلاد والعباد ، وحملة صكوك النقاء الوطني ليست أول السقطات وربما ليست آخرها .. وهم ذاتهم من وقعوا الوثيقة الدستورية ، وهم من انقلبوا عليها .. هم من نصبوا حمدوك وهم من حملوه أوزار الحقبة المظلمة ، وهم من مهروا اتفاقية السلام في جوبا ثم هم ذاتهم من يمضون في استعداء الناس عليها .
على الجانب الآخر ظل الصف العسكري ممثلاً في الرئيس ونائبه يؤكدان على الانسحاب من العمل السياسي ، وما قعد أيهما عن فضيلة المناصحة أن تستفيد جماعة النشطاء من الخطل السابق وتنأى عن الخبال القديم في الإقصاء والإنفراد بالأمر .
الخشية كل الخشية أن تعاود “قحت” طقوسها في العزل والإقصاء والإنتقام ، ثم تجلس على الحطام تردد : الصيف ضيعت اللبن .
وللتأريخ فإن الأزمة الراهنة تقتضي أن لا تغمض للجيش عين عن المراقبة اللصيقة للمجريات ، وأن ينتبه لدوره المأمول في التصدي القطعي لأية خلافاتٍ تهدد الأمن القومي والمصالح القومية العليا للبلاد ، وهو دور من صميم مسئولياته لا يلغيه أو يتجاوزه خروجه من العملية السياسية في زمنٍ ضربت الهشاشة كل ركنٍ من الممسكات الوطنية إثر سنوات الخبال التي تصرمت ..
وليس من عاقلٍ يتصور أن الجيش سيقف متفرجاً إذا “حُمَّتِ الحاجاتُ والليل مدلجٌ” ويركن لمقاعد المتفرجين ..

مقالات ذات صلة

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى